إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
شرح كتاب العظمة المجموعة الثالثة
80221 مشاهدة
بيان ما جاء في الحروف المقطعة التي افتتحت بها بعض سور القرآن

...............................................................................


بين -رحمه الله- أن هذا من حروف الهجاء حرف ق أنه من الحروف الهجائية التي افتتحت بها كثير من السور.
افتتح الله ثلاث سور من القرآن بحرف واحد وهي ن وق وص واتفقوا على أن ن أو جمهورهم على أنها الحرف الهجائي وكذلك ص وكذلك افتتح ثمان سور بحرفين يعني مثل حم في الأحقاف والجاثية والدخان والزخرف وفصلت وغافر، ومثل يس حرفين وطس النمل حرفين افتتح الله جمال هذه السور بحرفين، واتفقوا على أنها من حروف الهجاء ولم يقل أحد أنها تشير إلى كذا ولا إلى كذا بل جعلوها من سائر الحروف التي تفتتح بها أيضا هذه السور.
وهكذا أيضا افتتح الله إحدى عشرة سورة بثلاثة أحرف أو ثلاث عشرة سورة بثلاثة أحرف وهي: السجدة ولقمان والروم والعنكبوت والقصص والشعراء، وكذلك الر في الحجر وإبراهيم ويونس وهود ويوسف والبقرة وآل عمران هذه افتتح الله تعالى بثلاثة أحرف الم أو الر أو طسم واتفقوا على أنها من حروف الهجاء، وافتتح سورتين بأربعة أحرف، وهي الأعراف المص، والرعد المر، وافتتح سورتين بخمسة أحرف، وهي مريم كهيعص، وكذلك الشورى حم عسق، واتفقوا على أنها كلها من الحروف من حروف الهجاء .
وقد اختلفوا في المراد بهذه الحروف التي تفتتح بها هذه السور، وتوقف بعضهم عن أن يقولوا فيها قولا، فصاروا يقولون الله أعلم بمراده بذلك، وتجرأ كثيرون وتكلموا فيها، وأكثرهم على أنها رموز كأسماء لتلك السور أنها جعلت أسماء للسور التي افتتحت بها.
ولذلك تتبع لصفة القرآن فإن الله تعالى يذكر غالبا بعدها القرآن الم ذَلِكَ الْكِتَابُ المص كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ وهكذا فيذكر بعدها الكتاب، ومثله حم وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ حم تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ فيدل على أنها أسماء للسور أو أنها أسماء للقرآن يعني فتكون رموزا إلى أسماء تلك السور لتعرف بها ولتميز وإن كانت قد عرفت بأسماء أخرى.
كثير منها بقيت تعرف بأسمائها فسورة ص عرفت بأول حرف وكذلك يس وكذلك سورة ق عرفت بأول حرف وسورة طه عرفت بأول حرف أو حرفين منها فدل ذلك على أنه ما قصد بها إلا التعرف على أنها أسماء لتلك السور، فأما القول بأنها رموز إلى أشياء خفية فالظاهر أنه لا صحة لذلك . والآن نواصل القراءة.